وبقي الغياب حاضرًا

 

وبقي الغياب حاضرًا...

وبقي الغياب حاضرًا...

في زوايا الذاكرة العميقة، حيث تتوارى التفاصيل الصغيرة التي لا يراها إلا القلب، يبقى الغياب حاضرًا كظل لا يفارقني، كهمس لا ينقطع في أذن الروح.

الغياب ليس فقط ابتعاد الجسد، بل هو ذلك الصمت الكبير الذي يملأ الفراغ، وحكاية غير مكتملة تتكرر في كل نبضة وكل تنفس. هو مسافر لا يعود لكنه يترك خلفه أثراً لا يمحى، يزرع الألم في أعماق الروح ويترك جرحًا لا يلتئم.

أتذكر ضحكاتنا التي كانت تملأ أرجاء المكان، أحاديثنا التي امتدت كالنهر، تلك اللحظات التي كانت كافية لتمنحني دفء الحياة. لكن الآن، تحولت صفحات ذكرياتنا إلى أوراق ممزقة، تحمل في طياتها ألم الفقد وحنين لا ينضب.

الود الذي كان ينبض بيننا، تحوّل إلى حنين يكوي قلبي، والحنين أصبح ألمًا مزمنًا يزرع أظافره في روحي، يعيد إشعال أوجاعي كلما حلّ المساء وأشعل ذكريات الماضي.

لكن الغياب، رغم قسوته، علمني دروسًا كثيرة. علمني الصبر، كيف أُحبك من بعيد، وكيف أبقى صامدًا رغم كل المسافات التي تفرّقنا. علمني أن أحتفظ بك حيًا في أعماق روحي، وأحمل وعد اللقاء في أحلامي مهما طال الفراق.

كلما عدت إلى الذكريات، أجد الغياب هناك، هادئًا، ثابتًا، جزءًا مني لا يمكن فصله، لكنه في نفس الوقت معلم صامت يرشدني إلى أن أعيش وأحب وأكمل طريقي رغم كل شيء، رغم الألم والوحدة.

في النهاية، يبقى الغياب حاضرًا في كل لحظة، لكنه أيضًا فرصة لي لأجد نفسي، لأكتب قصتي الخاصة، وأحتفظ بك في تفاصيل كل يوم، في نبض قلبي، وفي همس الريح الذي يذكرني بك، ويدفعني للاستمرار رغم كل الظروف.

مزمل عثمان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

🖋️ حين يصمت القلب... تتكلم الذكريات

أمنية لم تكتمل...

"إلى أين نمضي؟"