"تحت مطر الرياض.. يوم كتبناه بأحرف من نور"
في يومٍ جميل، وبينما كانت السماء تمطر بهدوء... التصق حبّنا بقطرات المطر كعقدٍ من ذهب. كان قلبي يخفق كطبلٍ في مهرجانٍ صامت، وكأنما يدقّ بابًا جديدًا من حياتي. نظرتُ إلى عينيها فوجدت فيهما كلّ السكينة التي طالما بحثت عنها.
كان ذلك اليوم... يوم خطوبتنا. في السودان، أتمّ الأهل مراسم الخطوبة بحضور الأقارب، حيث تبادلوا السبحات والتهاني في جوٍّ مفعم بالفرح. أما نحن، فكان لقاءنا الأجمل هناك... تحت المطر. تذكرت حين أخبرني صديقي أن خطوبته كانت تحت شمس الظهيرة، فقلت في نفسي: «نحنُ محظوظون، فالمطرُ شاهدُ عُرسنا».
في مطعم بحرية بالرياض، حوّل المطر يوم خطوبتنا إلى أسطورة نرويها لأحفادنا. أجواء هادئة، وموسيقى عود خافتة تنساب من زاوية المكان، تختلط بقطرات المطر التي تتراقص على النوافذ الزجاجية. رائحة القهوة العربية تفوح في الجو، وكأنها تُعطّر لحظتنا الخاصة. حتى النادل كان يبتسم وهو يقدّم لنا العصائر، وكأنه يعرف أن اليوم ليس كالأيام.
تبادلنا الخواتم في صمتٍ يشبه الدعاء، بينما كانت أصابعنا ترتجف خفيفةً من شدة المشاعر. شبكنا أصابعنا كما شبك القدر بين قلبينا... أنا وهي فقط، والمطر ثالثنا. همستُ في أذنها: «المطر اليوم يغسل كلّ ما قبل هذه اللحظة». ضحكتْ وقالت: «ويزرع لنا ذكرياتٍ جديدة».
بقينا نضحك ونصمت، نلتقط صورًا بسيطة، ونحتفظ في أرواحنا بلقطة أكبر من الكاميرا... لقطة الروح حين وجدت من يشبهها. في الزاوية البعيدة، جلست أمّي تبتسم بينما تمسك بكأسٍ من الشاي، وكأنها تختزن كلّ الفرح في عينيها.
الشارع كان هادئًا، والسيارات تمر ببطء، كأن المدينة كلها قررت أن تُفسح لنا المجال لنحيا لحظتنا بسلام. كل شيء كان طبيعيًا... إلا قلوبنا، كانت تضج بالحياة. عند المغادرة، التقطنا صورةً أخيرة أمام المطعم، بينما كانت قطرات المطر تتعلّق بشعرها كاللآلئ.
كان اليوم الذي حوّل حياتنا إلى لوحة فنية. فكلّما هطل المطر، أعيدُ شريط الذكريات وأجدنا فيه كما كنا: اثنين... والمطر ثالثنا. 💍💧
✍️ بقلم: مزمل عثمان
تعليقات
إرسال تعليق